في ليالي الشتا، نستمتع و نستمع بفيروز، بين حزن حيث لا حبيب لنا، و اطمئنان بصوت فيروز، بكاء لا معنى له، و بهجة سببها صوت جارة القمر، فنتذكر كل ما هو يفرحنا، وكل ما هو يؤلمنا، حيث نرى الفرح يتضائل و الألم يتمدد بسرعة تتعدى سرعة الضوء كالكون هو يتمدد، يتمدد ألمنا بلا هدف ولا بمعنى، وكأن الألم هو سر الوجود، وكلما غوصنا في وجودنا نراه أكثر وأكثر، حتى عندما نغوص في إنسانيتنا نتألم، نتألم لأجل أصداء صرخات قلوبنا، وأصداء بكاء الآخرين، الذي يتوغل إلى آحشائنا بطريقة مستفزة، تجعلنا نحب الآخرين، نخاف عليهم، نتألم لأجلهم، فهل هذا هو المعنى الذي أبحث عنه، أم هذا الألم الذي يخفي المعنى، فنتوه ونتوه، و كأن الألم بالفعل سر الوجود ولكني آومن بكلام فيروز، أن الغنى سر الوجود، آومن أن شادي سيعود حتى وإن ذهب، آومن أن سنين العمر سترجع وترجع حيث لا ألم ولا هموم، ضحكات الطفولة تعود، و جمال أفكارنا سيعود، سيعودوا يحبوا بعضن حتى و إن تركوا بعضن، فالحب هو الأصل، و المنبع، فهكذا آومن من أغاني فيروز المقدسة، فسنظل نبحث عن هويتنا القديمة، ونظل نبحث عن أصلنا، لنعود أطفال، لندخل ملكوت الله كما قال المسيح، لربما هنا نجد المعنى، على هذا الرجاء نعيش، فيا فيروز الرقيقة، فأنا شاكر لصوتك الجميل، الذي يحيني حينًا، ويقتلني أحيان، ولكنه سيظل الأجمل، حيث يتغلغل في قلوبنا كالسهم المسمم، بسم الحب و الأمل، و الألم.
فأعدك إني سأجد لكٍِ شادي، أعدك أني سأجد الملكوت.